المشاركات

الاحتراق وظيفي

باشر شاب في وظيفته الجديدة وهو بأتم النشاط وأعلى مراحل الحماس وهو مخلصٌ في عمله، وكلما أنجز مهمة ازداد تحفزاً ونشاطاً واتقاناً لعمله، وسرعان ما أعمى الحماس الزائد بصيرته شيئاً فشيئاً حتى بدا له الشعور لإثبات نفسه وزاد العمل أكثر وحَمل نفسه فوق طاقتها!  مع مرور الوقت أخذ التشتت يسيطر عليه وصار يلقي اللوم على الآخرين من كل صوب،  وأهمل حاجته الشخصية على حساب الوظيفة والتي جعلها أولوية عن غيرها من حاجات الحياة الأخرى: وأحدها الاستمتاع مع العائلة ومجتمعه القريب أو حتى وحده!  صار العمل فوق طاقته وأنهك ذهنه، واستنزافه العاطفي يتسرب من كل جهة، والضيق يحاصره من  كل صوب، وهو ناكر للضغوط التي حاط نفسه بها ليثبت نفسه للجميع حتى لو تخلى عن قناعاته!  وبعد فترة أعتز ل المقربين وزملائه في العمل، وحتى أتفه الأسباب تُشّعل عصبيته وتفقده صبره، إلى أن وصل إلى مرحلة فقدان الشغف، والثقل يسيطر على ذهنه وجسده، وصار مزاجه سيئاً طيلة الوقت وتدنت كفاءته الشخصية وأصبح من المدخنين! وبذلك أصبح محترق وظيفياً وسيطر الاكتئاب عليه.  ربما أن القصة أخذت مبالغة في السرد، ولكن هذا نموذج يحصل لبعض الناس وهو غير واعي بما يفعل

خطوات صغيرة لغاية كبرى

يضع الإنسان في مشوار حياته أهدافاً لتحقيق غايات عدة، وخلال السير نحو إنجازها يصادف في طريقه العقبات والصعوبات، فمن الناس من يراها مجرد محطات مؤقتة توجد على طريق الرحلة و يمر من خلالها سريعاً كأنها استراحة قصيرة ليلتقط أنفاسه، والآخر من يراها حائط صلب غير قابل للهدم! فتراه يسخط ويقدم لنفسه الأعذار ويلقي اللوم على أي ظرف من ظروف حياته، فتصبح محطته حفرة عميقة يعيش بها الأبد كله  ما لهم يعيد تفكيره نحوها.  نجد هنا أن معظمنا وإن لم يكن جميعنا قد مر بالمرحلة الثانية في أمور حياته، فتتفاوت شخصياتنا حولها، منا من يراها سنة من سنن الحياة ويتعامل معها بمرونة، والآخر يراها إعاقة دائمة تحبطه ويوقف ما اراد إنجازه، ولكن  هل الرغبة في تحقيق الكمال في جميع أمور الحياة هي العائق؟ أم الخوف من الفشل؟ أم عدم قدرة الشخص على التحمل والصبر؟ فلابد أن نعي أننا جميعا لم نولد متعلمين وخرجنا إلى هذة الحياة بلا علم، ونتعلم منها بالتجارب يوماً بعد يوم، وكما قيل إن لم تخطئ فأنت لم تعمل.  العودة إلى تحقيق الأهداف، هناك عدة طرق للعمل بها ومنها: تقسيم الهدف الكبير إلى مراحل صغيرة و تسجيلها والالتزام بها لتسهيل عملية ال

التعليم في الصغر

في حديث الرسول  ﷺ ( علِّموا أولادَكُمُ الصلاةَ إذا بلَغُوا سبعًا، واضربوهم عليها إذا بلغوا عشْرًا، وفرِّقُوا بينهم في المضاجِعِ ). نرى من هذا الحديث الحث على الأطفال على أداء الصلاة، ولو أخذنا منه معنى التعليم في جزئية هذا الحديث، وأثر التعليم في السِن المبكرة في بناء عادات تشكّل حياة الطفل. وكما تشير إليه الأبحاث أن في هذا السن يبدأ تكوين الادارك والوعي في الإنسان، ومن خلالها يبدأ بتكوين سلوكيات تترسخ في حياته سواء إيجابية أو سلبية.    ففي دول مثل اليابان تعلم طلابها منذ دخولهم مراحل الدراسة الأولية عادات مثل: تنظيف الفصول والمرافق المدرسية؛ لتنمّي لديّهم حس المسؤولية والانضباط منذ السن المبكرة، فمثل هذة العادات المفيدة تأسس لديهم مفهوم المسؤولية ونظراً لتبعاتها في مستقبلهم ومستقبل المجتمع كَكل، فبتالي ينشأ جيل مدرك ما يستحسن فعله في جوانب حياته.  شاهدت فيديوهات في مواقع التواصل الاجتماعي لأحد الصفوف في مدارس اليابان، حيث تقوم المعلمة تعليم الأطفال الأخلاقيات في الأماكن العامة، وكانوا واضعين كراسيّهم مصفوفة كصف الحافلات العامة، وكان السيناريو أن يركب رجل مسن بتمثيل أحد الطلبه، وفَور

التحيز وفق النتيجة

تدهور وضع مبيعات إحدى الشركات لهذة السنة، ووقعت اللائمة على متخذي القرار نحوها، بعدما نفذوا الخطة بحذافيرها واتباع خطواتها المُعَدة بكافة التفاصيل. هذا مثال لموقف يتكرر في بعض المنشآت رغم تطبيقهم الخطة و وبِخوا على هذة النتيجة!  وهنا مثال آخر، حققت شركة أخرى مبيعات خيالية ليست كما يتوقعون، وكرِموا المسؤولين عليها، ولكن بعد الإطلاع على الخطة الموضوعه لهذة الاستراتيجية، وجدوا أنها لم تكن مدروسة باحترافية وتم تجاهل بعض الأمور المسببة للفشل!  لماذا وبِّخ صانعو القرار في المثال الأول رغم تنفيذهم خطة مدروسة، في المقابل حدث العكس في المثال الثاني؟ يكاد لا يخلو في يومنا موقف مثل النجاح في أمر ما وتلقي التصفيق وسماع الأهازيج وتزداد ثقتك بنفسك، في المقابل يجري تصرف منك وتفشل وتسمع النقد وأسلوب التوجيه بأن كان عليك فعل كذا وكذا وكأن اتخاذك للقرار كان غير مدروس!  ولو دققنا في كلا التصرفين نرى أنهما كانا آخذين نفس الأسلوب والتصرف؛ لكن أحدهم نجح والآخر فشل، مما يجعل ردات فعل الناس متحيزة من نوع يسمى “التحيز وفق النتيجة”، فهو بكل بساطة غض النظر عن السلوك المتخذ في أي عملية أو قرار والتركيز على النتيج

بالحديث عن يوم التأسيس ٢٠٢٤

في يوم ٢٢ فبراير من كل عام في المملكة العربية السعودية، تمتلئ الشوارع بالسيارات التي تزينها الأعلام وشعارات يوم التأسيس مرفرفة في كل اتجاه، وتكتظ الأماكن العامة بالأزياء التراثية التي تراها على الصغار والكبار، وماهي إلا اعتزاز وفخر لما شيّده الأجداد ومن عاش بها سلفاً، مروراً من الدولة السعودية الأولى ومؤسسها الإمام محمد بن سعود حتى توحيد الملك عبدالعزيز الدولة السعودية الثالثة. ففي هذا اليوم تعيش الحاضر بالماضي وتتخيل أحداثه وتسمع قصصه فيزداد تمسكك بالهوية اكثر قوة ومتانة. كانت البداية في عام ١٧٢٧ حيث أصبحت الدرعية مركز قوي واستقرار داخلي وحكم راسخ في المنطقة، والذي حظي به الإمام محمد بن سعود التأييد لتأسيس دولة وتوحيد مناطق شبه الجزيرة العربية واستقرارها، وانتشار الأمن بها، وتطبيق الشريعة الإسلامية مع الشيخ محمد بن عبدالوهاب للدعوة بالشكل السليم، وبمجرد قيام الدولة السعودية الأولى ازدهر العلم والمعرفة الاقتصادية والنظام الإداري حتى أصبحت الدولة تتمتع بمكانة وقوة. وامتدادًا لها،  تشكلت ملامح الدولة السعودية الثانية والثالثة، واللتان استكملتا ما شرعت به الدولة السعودية الأولى حتى ما أصب

التعلق في الكماليات

  الشراء إما أن يكون في أمور تتعلق بالأساسيات أو الكماليات، فهو سلوك يعبر عن الدافع لتحقيق إحدى السببين وهما: البحث عن المتعة أو تجنب الألم أو كلاهما، ورغبتك في إشباع نفسك يكون عن طريق الشراء، لكن ما السبب ورا الغوص في دوامة الكماليات؟   هنالك أمور أساسية لابد من توفرها في حياتنا: كالأكل والشرب والسكن والملبس، وتحقيقها يشبع غريزة العيش. أما عن الكماليات فهي الأمور الإضافية التي تزيد من رفاهيتنا، ولكن في كثير من الأحيان نجد أنفسنا نشتري أشياء تكاد لا تضيف لنا فائدة إلا في لحظتها، فنندفع وراءها، وهذا لا يعني أن نستغني عنها ولكن التوازن في أمور الشراء مهم جداً.  وفي ظل التقدم والتغير في نمط الحياة والمعيشة والتغير في الظروف الاجتماعية، أصبحت ثقافة الاستهلاك متزايدة؛ وذلك يعود إلى البحث عن الرفاهية النفسية ومحاولة إيجاد القبول الاجتماعي. ولكن ماهو هو السبب في بناء هذه العادات وتأثيرها بنا في قرارات الشراء؟  في سوق مكتظ بالعلامات التجارية وفي تنافس مستمر وشرس بينها، ترغب كل شركة في النمو وزيادة الأرباح والسيطرة على السوق، فتعمل إدارات التسويق لزيادة رغبت المستهلكين في الشراء، من خلال إن

بالحديث عن مهرجان شِتانا ٢٠٢٣

  يعد الشتاء في معظم مناطق المملكة الفصل المفضل لأغلب الناس؛ ويعود ذلك إلى برودة الأجواء التي تكون مناسبة لإقامة الفعاليات والمهرجانات الخارجية.   يقام حالياً في شهر ديسمبر مهرجان شتانا في الدرعية بتنظيم من هيئة فنون الطهي، حيث يجمع المهتمين في فعاليات الطهي؛ المميز في هذا الحدث أنه يعزز اكتشاف ثقافة الطهي السعودية والتي من خلالها تثير حماسة واهتمام السياح المقيمين وبالتالي تعد ترويجاً لها. كما أن تعريفهم بالأطباق والافتخار بها بعد جزءًا من المحافظة على التراث.  تعتبر الأكلات جزء من هوية البلد الذي بذل الآباء والأجداد جهودهم في بناء صورة تمثلهم، حيث ابتكروا مأكولاتهم من المحاصيل المتوفرة لديهم. وهذا ما استغلته هيئة الطهي لعرض ما تملكه المملكة من ثروات تاريخية وموروثات شعبية. ختاما عرض ما تتميز به المملكة صورة احترافية ممزوجة بالتراث يعزز من نجاح هذه الحكاية …

بالحديث عن إكسبو السعودية

  تشهد المملكة العربية السعودية تطورات عظيمة، فالمملكة تسير على رؤية أثبتت إنجازاتها ومشاريعها على نجاحها، وأعظم نتائجها هو فوز المملكة لاستضافة معرض إكسبو ٢٠٣٠، المحفل والحدث العالمي والذي سيقام في مدينة الرياض في الفترة اكتوبر٢٠٣٠-مارس٢٠٣١. ويعد هذا الحدث الضخم خطوة كبيرة لتعزيز الاقتصاد السعودي، وزيادة توجه العالم إلى المنطقة والإقبال عليها سياحياً، وخلق الكثير من الفرص الوظيفية من الاستثمار الأجنبي والمحلي فيها، والمتوقع أن يصل عدد الزوار إلى ٤٠ مليون زائر خلال الاستضافة من جميع بقاع العالم. ولا ننسى أن من ما يميز المملكة مساحتها الواسعة التي جعلتها متنوعة في التضاريس والثقافة والفنون. وعند ذكر الجانب الاجتماعي، فالمملكة بجميع مناطقها متمسكة بأخلاق العرب الأصيلة مثل: الكرم، والنخوة والشهامة وغيرها، والذي سيساهم في التبادل الثقافي مع الزوار أثناء الاستضافة.  ستصادف مدة الاستضافة أياماً استثنائية كشهر رمضان والعيدين: الفطر والأضحى، وهي فرصة ثمينة علينا اقتناصها لنبرز الجانب الديني. كما سيصادف أيضاً مناسبة مهمة وهو يوم التأسيس، والذي تركز فيه المملكة على الجانب التاريخي لهويتها وم